Wednesday, May 20, 2015

Chapter ١


متى تبدأ حيواتنا؟! 

من الخوف الأول، و البكاء الأول، 
و ليلة الأرق الأولى، والوقوف الأول أمام الموت.. 
الموت الحقيقي الذي يعبرك، تشعر به..
يضغط على صدرك بثقل مؤذ، و يلتقط روح أحدهم و يغادر.. تاركاً في قلبك فراغاً بارداً، و أصوات بكاء كثيرة.. 
الموت الذي ينظر اليك و كأنه يخبرك انه لم ينته هنا،
 وأن روحاً اخرى ستغادر.. 
روحاً تعرفها، و تألفها، و تتذكر صوتها و لون عينيها.. ! 


-رفاة السيف. 


June 27, 2013. 

ريم: "اف اف اف وش ذا الحر!! وينه حاكيه!"

" توني محاكيته بعدين ماتشوفين هالزحمة؟ شلون يجيك يطير يعني؟"

ريم: "افففف مت حر"

" على اساس انا البردانه الحين؟"

ريم: "تعالي خنروح ننتظر بمحل الايس كريم هذا و نبرد على قلوبنا شوي"

"صاحية انتي؟ تقطعين الشارع علشان ايس كريم؟"

ريم: "لو جلست دقيقة وحدة بعد هنا بصير صدق موب صاحية. يلا بتجين؟"

"لا! ريم لاتستهبلين خلاص خمس دقايق و يجي و نمر بالسيارة نشتري ايس كريم"

دق جوالي.

ناظرتها: "بروح ارد واجي لاتتحركين من هنا"

ريم: "وين ابروح بهالحر خلصيني بس"

وخرت منها شوي و رديت.

"الو هلا"
تركي: "هلا حبيبتي وينك فيه"
"تونا متغدين انا وريم وجالسين ننتظر السواق"
تركي: "وينه السواق؟"
"بالمواقف و هنا عند الباب زحمة صارلنا شوي ننتظره صكت راسنا الشمس"
تركي: "ليه ماجيتي بسيارتك"
"مدري شفيها امس خربت راحو يصلحونها و ريم بعد سيارتها اخوها ماخذها"
تركي: "تبين اجي اخذكم؟"
"لا لا اخاف ريم تتضايق ماتعرفها يعني.. بعدين انت بعد بتوقف بالزحمة.."
تركي: "ماعليك من الزحمة لو اوقف السيارة بعيد و انزل اخذكم مايخالف"
"والله اخاف ريم تعصب عليّ.."
تركي: "طيب براحتك.. اذا ركبتي السيارة حاكيني طيب حياتي؟"
"ان شاءلله، مع السلامة"

سكرت منه و رجعت لريم.

ريم: "ها؟ ضبط المود الحين؟ ممكن نتحرك؟"

"نتحرك وين"

ريم: "ايسكريم!!!!! اف ياربي انا ليه ما قلت لاخوي لا ما تاخذ سيارتي و جينا فيها هنا بدل سواقكم البارد!"

"ريم انتي منجدك تبينا نقطع الشارع؟ واذا جت سيارة و طيرتنا؟"

ريم: "وين بتجي سيارة تطيرك و كل السيارات واقفة من الزحمة؟"

سكت وناظرت الشارع.

ريم: "عجّلي جالسة اذوب هنا!!!"

"الشارع عريض ريم والله اخاف.."

ريم: "وش اللي يخوف بالموضوع؟ عريض وين هذاه محل الايس كريم خطوتين، بتجين ولا اروح بلحالي؟"

و وقفت ريم على طرف الرصيف.

"طيب دقيقة اتصل على السواق يجينا على هناك"

ريم: "صدقيني بنشتري و بناكله و بنخلص و هو مابعد جا، خلصيني يلا!!"

مشيت وراك... وانتي تمشين للموت برجولك ..

اناظر محل الايس كريم اللي كل مالنا نقرب منه..

التفتت ريم.. "شفتي هذانا وصلنا قلتلك خطوتين"

و فجأة ظلمت الدنيا حولي..

كل حواسّي ماعادت تشتغل.

ماعدا اذني.

سمعت كل شي ريم...

صوت صرختك... صوت اللي يزمر بالسيارة اللي انهت حياتنا..

اصوات ناس كثير فجأة...

 (لا اله الا الله)
 (ياجماعة اتصلو على الاسعاف)
 (احد معه شي نغطيهم فيه ياناس!) 

صوت سيارة الاسعاف..

صوت الممرضات بالمستشفى و هم يستغيثون بالدكاتره..

سمعت كل شي... 

سمعت صوت امي و هي تسأل الدكتور عني... 

سمعت الدكتور يوم قال اني نجيت بأعجوبة... 

قال انها معجزة..

سمعته وهو يقول ان المعجزة هذي ما اصابتك..

"للأسف البنت الثانية جتنا هنا و هي منتهية.. عجزنا نسوي اي شي القلب واقف و نزيف حاد في الراس.. كان مبين انه مافي امل انها تعيش.. الله يرحمها.."

سمعت كل شي.. 

اول يوم انحطيت فيه بالسرير... 

سمعت ثاني يوم..

ثالث يوم..

رابع يوم.. خامس يوم..

صوت الاجهزة اللي كل يوم احسها تنخر بأذوني..

صوت اهلي و فرحتهم يوم قالولهم انهم يقدرون يشوفوني...

صوت امي و هي تقرا عليّ كل ليله..

صوت همسها و هي تصلي كل يوم...

ابوي كان فاقد الامل اني اصحى..

وامي بعد، بس كانت تضحك على عمرها وتنتظر.. 

جلست اكثر من اسبوعين..

و عقبها قدرت اني ارجع افتح عيوني.

من فتحت عيوني حسيت فيه شي تغيّر بالدنيا.

حسيت ان فيه شي قبل كانت لي القدرة اني اشوفه..

بس الحين موب قادرة اشوفه..

أمي: "قامت عبدالعزيز قامت!!!! نادي الدكتور!!"

مسكين ابوي فز من نومه و قام يركض يناديه..

أمي و عيونها ممتلية دموع: "حبيبتي انا شلونك تحسين بوجع؟ تبين شي؟ مرتاحة بجلستك؟"

ناظرتها مستغربة للحين قاعدة استوعب وش اللي يصير حولي...

أمي: "حبيبتي انتي تعرفين انا مين صح؟"

ضحكتني..

ابتسمت: "ايه يمه.. بس احس بوجع خفيف بين عيوني"

أمي: "لاتخافين الحين جاي الدكتور يشوفك"

و جا الدكتور.

بطلي..

اللي انقذني من الموت..

اللي من بعد الله خلاني اعيش من جديد..

مفروض اني اشكره صح؟ 

بس تصدقين كان ودي اذبحه.. 

هو السبب، هو اللي وقف بينا.. 

هو اللي فرقنا انا وياك ريم..

الحين انتي ماتقدرين تجيني.. 

وانا مادري متى اقدر اجيك..


"لطيفة"

مسحت دموعي و رجعت التمثال الفخار اللي كان بيدي.

"هلا يمه ادخلي"

دخلت مبتسمة: "كنتي تحاكين احد؟"

"انا؟ لا تشوفين احد معاي بالغرفة؟"

امي: "مدري كاني سمعتك تسولفين، مو مهم المهم الحين ابيك تبدلين ثيابك و تنزلين تحت فيه وحدة من صديقاتي ابيك تشوفينها"

"لا حبيبتي واللي يعافيك تعرفين وش وجهة نظري بصديقاتك و سوالفهم"

امي: "جديدة هذي و موب نفس صديقاتي الباقين يلا لطيفة الحرمة تنتظر"

"يمة قلتلك مابي"

امي: "يعني بتقعدين تسولفين مع اللعبة مدري الحجر اللي قدامك!!!!"

"للمره المليون اقولك هذا موب لعبة ولا هو بحجر. و اتركيني بلحالي مابي اشوف صديقاتك"

امي: "بتنزلين لطيفة هالمره موب على كيفك"

"منيب نازلة موب غصب اجلس معك و مع الغبية اللي تحت!"

-" احم احم"

التفتنا انا وامي.

ابتسمت امي: "اه منال هذي بنتي لطيفة اللي قلتلك عنها،لطيفة هذي الدكتورة منال"

"اووه قولي كذا من الاول دكتوره اجل؟"

ناظرتني امي نظرة.

امي: "تفضلي دكتورة انا اترككم بلحالكم، وش تشربين؟"

منال: "شكرا حبببتي مابي شي"

طلعت امي و سكرت الباب.

ناظرت الدكتورة اللي كانت واقفة و تناظر الغرفة حولها.

د.منال: "مبين انك تحبين غرفتك واجد"

مارديت عليها.

د.منال: "الظاهر كان فيه نقاش حاد بينك و بين الوالدة"

"انتي وش تبين بالضبط؟"

د.منال: "ابي اساعدك"

"وانا ماطلبت مساعدة من احد"

د.منال: "مو شرط انتي تطلبينها، شخص يحبك و حس انك محتاجه لها"

"قلتلك ما احتاج لها. وصل؟ فعلشان ترتاحين و تريحيني اطلعي منها لان مارح تستفيدين شي تضيعين وقتك على الفاضي"

ابتسمت: "انا راضية اضيع وقتي معك"

"وانا مو راضية اضيع وقتي عليك! اتركيني بلحالي انا مرتاحة كذا"

د.منال: "لطيفة ماما، انتي ليه حاطة ببالك اني عدو لك؟ ليه حاطة ببالك اني بأذيك؟ انا جاية علشانك علشان ترتاحين علشان تبتسمين وترجعين لطبيعتك"

"لاني مرتاحة كذا، لان كلكم جالسين تتعدون على حريتي و تبوني غصب اصير اللي تبونه"

د.منال: "ما سألتي نفسك ليه نسوي كذا؟ ليه امك حاكتني؟ ليه امك اصرت عليّ اني اجي و جلست تترجاني مع اني مشغولة؟ لطيفة ماتفكرين شلون امك تتعذب لما تشوفك كذا؟ تدرين الوجع لما تشوفين تشوفين بنتك او ولدك متضايق يوجع اكثر من لما انتي نفسك تكونين متضايقة، امك لو شافتك حزينة تحزن و تتألم يمكن اكثر منك، بتصيرين ام بيوم من الايام و بتحسين باللي جالسة اقولك اياه.."

"يعني اجبر نفسي على شي ما ابيه بس علشان امي؟"

د.منال: "راحة بالك شي ماتبينه؟"

"بالي مرتاح الحمدلله"

د.منال: "صدق بالك مرتاح؟ صدق لطيفة؟"

سكت.

د.منال: "عالعموم، هذا رقمي وانا مارح افرض نفسي عليك، متى ماحسيتي انك تحتاجين لي اتصلي عليّ. وابيك تشيلين من بالك فكرة اني ممكن اكون عدو لك، اعتبريني أمك، أختك، او صديقتك.."

*
*
*

صدق بالي مرتاح؟ 

صدق لطيفة بالك مرتاح؟ 

انتي نوم ما تنامين الليل شلون بالك مرتاح..

مرت يومين و انا افكر بحكي الدكتورة.. 
 
ثاني يوم الصبح كنت قاعدة برا بالبلكونه،

جتني امي

امي: "ياصباح الخير"

"صباح النور"

امي: "شرايك بس جاية و مسويتلك فطور معي قلت نفطر سوا عندك اليوم"

ابتسمت: "افطرت انا يمه"

امي: "متى افطرتي؟"

"قبل ساعة يمكن"

سكتت امي.

"يلا حبيبتي بالعافية انا بروح اتحمم"

امي: "لطيفة"

"سمي"

امي: "لطيفة انا مانمت البارح، و من الصبح قاعدة بالصالة هنا برا ولا شفت طلعتي من الغرفة.. "

تنهدت: "ليه مانمتي"

امي: "ماعليك مني! بس علميني متى بترجعين بنتي اللي اعرفها؟ والله حرام ما يجوز من الله اللي تسوينه، يمه انتي كذا تعذبين نفسك"

"ان شاءلله ترجع، يمه لاتشغلين بالك انا زينه"

امي: "شلون ما اشغل بالي؟ وانتي لا اكل ولا حياة نفس الاوادم!"

"وش اسوي مو بايدي! كل ماجيت اعيش نفس قبل يمه اذكر ريم!!! يمه انا اكل و اشرب و اضحك و هي بين التراب بلحالها!!"

امي: "الا بأيدك.. اللي صار بريم قضاء الله و قدره.. بأيدك انك تسمعين كلامي و تروحين للدكتورة اللي جت من يومين.."

"تلفين و تدورين و ترجعين لموضوع الدكتورة"

امي: "ايه لانه ابيك تتعالجين! نفسيتك تعبانه لطيفة"

"يمه نفسيتي مافيها شي"

دمعت عيون امي، و حطت ايدها على خدي:
"علشان خاطري يمه.. اذا تبيني ارضى عليك روحي.. فترة قصيرة و ان شفنا ما منها فايدة نوقف"

"يعني مصدقة انتي اني مجنونه؟"

امي: "موب مجنونه بسم الله عليك.. بس نفسيتك تعبانه"

تنهدت: "طيب يمه يصير خير ممكن تركيني بلحالي الحين؟"

طلعت.


*بعد يومين*

-عيادة الدكتورة منال ال** للصحة النفسية-
 

-"أحكي يلا هذاني اسمعك، انا و انتي بس ماحد فيه غيرنا"

"وش اقول؟"

-"اللي بقلبك، وش فيك كذا؟ نفسيتك ليه صايرة كذا"

"مافيه شي بقلبي"

-"انا هنا بساعدك احكي"

"وش عليك مني انتي تساعديني؟ انا موب مجنونة علشان تعالجيني، انا جاية هنا علشان امي بس، علشان اثبت لها اني موب مجنونه"

-"انتي موب مجنونة مين قال مجنونة؟ انتي بس تحتاجين تطلعين اللي بقلبك و انا اوعدك اني بساعدك و احل لك مشكلتك"

"قلتلك مالك شغل فيني ماعندي مشاكل"

-"تتوقعين لو ريم هنا بترضى باللي قاعدة تسوينه؟"

"لاتحكين عن ريم!"

-"ريم راحت لربها و اللي قاعدة تسوينه انتي غلط! تعاقبين نفسك على شي مالك ذنب فيه! الله كاتب انها تتوفى بهاليوم! الله كاتب انها تموت صغيرة! مايجوز تعترضين على اللي الله كاتبه!"

صرخت: "انتي ماتعرفين ريم لاتحكين عنها!"

-"ماحكيت عنها حكيت عنك انتي! وش اللي جالسة تسوينه؟"

مارديت عليها 

ماتدري ان اللي بداخلي صعب ينحكى..

ماتدري انها مستحيل تساعدني.. 

ماتدري ان الفعل اصعب بكثير من الكلام..

أيه يا ريم.. أهلي جايبين لي دكتورة نفسية علبالهم مجنونة.

من بعد مارحتي كل شي تحول.

حياتي كلها انقلبت.

سحبت سمستر من الجامعة.

صرت اعرج.

ماعدت اطلع.

ماعاد ابي اشوف ناس 

نظراتهم، الشفقة اللي اشوفها بعيونهم! 

اكرههم! 

اتصنع القوة قدامهم ايه، بس من داخلي احس بضعف اذا شفت نظراتهم.

مر اول كم شهر ماكنت مستوعبة اللي صار.

ماكنت مستوعبة أن ممكن (ايس كريم) ياخذك مني.

ماكنت مستوعبة انك رحتي ولاعاد بترجعين.

انك تركتيني بلحالي.

كنا انا وياك بلحالنا ماعندنا الا بعض.

بس صرت بلحالي وحيدة مالي أحد.

انعزلت عن كل الناس.

تركت كل الوسائل اللي ممكن أحد (يتطمن) عليّ فيها.

صرت اجلس بغرفتي احاكي الجدران.

اتخيلك قدامي.

اسولف معك، اقضي يومي كله معك.

و ظليت فترة على هالحالة.

مرتاحة.

مستانسة، اقدر اشوفك!

دايم اقولهم ريم ماراحت مثل ما قلتو.

هذاني كل يوم اشوفها و اسولف معها.

تدرين مابي اصدق انك متّي.. 

ابي احس انك للحين حولي..

ريم اشوفك بأحلامي.. افز من نومي ميته صياح.. 

فقررت انك تصيرين بداخل الفخار اللي عطيتني اياها بصف رابع.. 

تذكرينها؟

و هذاي شهرين معك ولا كأنه صاير شي..

الى ماجت منال اللي خربت كل شي.

منال اللي سمعت خالتي تعطي امي رقمها.

والله ياوخيتي بنتك لو تجيبين لها دكتورة تشوفها ازين..
بنتك موب طبيعية..
فلانه بنت فلان كانت مهبوله و عقلتها..
خذي رقمها و تدعين لي..
كلها كم شهر و بنتك تنسى و ترجع مثل قبل..
الحقي على بنتك قبل تنجن رسمي..

كل هذي الجمل اللي غسلت عقل امي.

و خلتها تتصل في منال.

الدكتورة منال.

اللي تعالج المرضى النفسيين.

و المجانين. 

و المعاقين عقلياً.

تعالجني انا؟ 

د.منال: "لطيفة احاكيك"

"هاه؟"

د.منال: "احكي لطيفة انا اوعدك اني بساعدك كثر ما اقدر.. اوعدك اني بوقف جمبك"

"تساعديني بوشو؟ قلتلك انا ما شكيت لأحد، ماقلت ابي احد يساعدني"

د.منال: "ماشكيتي بس تحتاجين"

"وش بستفيد لو قلت لك؟ وش بيتغير؟ بترجع ريم؟ لا!"

د.منال: "وش انتي بتستفيدين من الي تسوينه؟ بترجع ريم طيب؟"

د.منال: "رجعة ريم مستحيلة و كلنا نعرف هالشي، مستحيل الميت يرجع، اللي انتي تسوينه مايرجع ريم و يتعب نفسيتك، واللي انا ابي اسويه بعد مايرجع ريم بس يحسن نفسيتك!"

د.منال: "لطيفه انتي صغيرة والعمر طويل قدامك، مايصير تيأسين وانتي بهالعمر، مايصير تفقدين الامل من الحياة وانتي بهالعمر"

"شلون ماتبيني افقده؟ انتي تعرفين ريم وش كانت بالنسبة لي؟ ريم مو وحدة عادية من صديقاتي و توفت، ريم كانت هي كل صديقاتي ريم كانت صديقتي الوحيدة، كانت اقرب لي من امي و ابوي، صح كان فيه صديقات ثانيات بس ريم كانت غير، و الحين راحت، شلون ما افقد الامل؟"

تناظرني ساكتة.

"شفيك؟"

د.منال: "كملي"

"خلصت"

د.منال: "مستانسة انك حكيتي، ماحسيتي براحة؟"

"لا"

د.منال: "مع الوقت بتحسين، بتصيرين اقوى"

د.منال: "شرايك تحكين لي عن يوم الحادث؟ وش صار بالضبط؟"

رجعت بذاكرتي ليوم الحادث..

لوجه ريم المبتسم و هي تناظر محل الايسكريم اللي كان بينها و بينه خطوات..

ريم اللي كانت تتخيل انها عقب لحظات بتكون تاكل الايسكريم و تبرد على قلبها بهالحر..

مادرت انها بهاللحظات بتكون غارقة بدمها بالشارع..

د.منال: "وين رحتي"

"مارحت.."

د.منال: "انتظرك تحكين لي..؟ ٢٧ جون .. وش صار.. من قمتي الى لحظة الحادث.."

"هذا تسألينه لانك تبين تعرفين ولا داخل بالعلاج النفسي؟"

د.منال: "ليه تحسين العلاج النفسي عيب؟"

"لاني موب مجنونه!!"

د.منال: "ومن قالك المجانين هم اللي يجون!! قلتلك اياها اول مره شفتك فيها و بعيدها الحين.. الطب النفسي موب للمجانين الطب النفسي لأي شخص يحس ان نفسيته تعبانه!عقله يكون سليم تماماً!"

"نفسيتي موب تعبانه"

د.منال: "الظاهر اعصابك تعبانه شوي بخليهم يجيبون لك شاهي"

"قلتلك مافيني شي!!! مره نفسيتي ومره اعصابي انتي الا بتطلعين فيني مرض!؟"

د.منال: "انا هنا علشان اساعدك"

"وش هالمساعدة؟ انتي المفروض تنسيني اللي صار! موب تقولينلي ارجع احكيه لك"

د.منال: "هذا هو الاسلوب حقي.. ماقدر انسيك اياه للابد.. مستحيل اصلا. بس اقدر اخليك تتعودين عليه و تتعايشين معه كانه شي عادي"

سكت.

د.منال: "ادري ان التفكير بهالموضوع اتعبك.. ادري انك ماتنامين الليل.. شهرين واجد عليك.. لازم تتعاونين معي علشان نقدر نخليك ترجعين تعيشين طبيعي"

"دكتورة انا مابي انسى، ولا ابي احد يساعدني علشان اتعايش.. قدرت اتعايش بهالشهرين و بقدر اكمل طول عمري شكرا مابي مساعدتك، اصلا انتي شلون بتساعديني وانتي موب حاسة فيني"

و قمت ابطلع من المكتب.

د.منال: "تجيك بأحلامك.. علشان كذا ماتنامين.. كل مافكرتي فيها اكثر كل ما زارتك باحلامك اكثر.. وانتي قاعدة تحاولين تنسين موتها.. قاعدة توهمين نفسك انها للحين موجودة.. علشان ماتشوفينها باحلامك صح؟"

كنت طالعة و وقفت.

د.منال: "اللي تسوينه ممكن يفيدك مؤقتاً، بس ما تتخيلين وش كثر راح يضرك اذا طولتي عليه"

التفت عليها.

د.منال: "تدرين شلون دريت؟"

د.منال: "مريت بنفس حالتك بالضبط.. و ردة فعلي كانت نفس ردة فعلك.."

"وشلون.. انتي على اساس دكتورة بتعالجين نفسك.."

د.منال: "لا لا قبل اصير دكتورة.."

د.منال: "تزوجت وانا عمري ١٨ سنه.. و جبت بنت من اول سنه زواج.. كبرت و دخلت الجامعة و بنتي كبرت معي.. صار عمر بنتي ثلاث سنين و بدت تخطي على رجلينها.. صرت اخذها معي وين ما اروح.. و بيوم من الايام كنت ماخذتها معي وانا طالعة.. سهيت عنها شوي.. الا بنتي اختفت.."

"انخطفت!؟"

د.منال: "تقريباً.. انخطفت بس اعرف وينها.."

"مافهمت"

د.منال: "ابوها خطفها.. كنا منفصلين.. اخذ البنت مني بالقوة.. حاكيته و عيا يرجعها.. عيا يخليني احاكيها اصلا.. قال انه بياخذها و يسافر ولا عاد بيرجعون.. "

"و اخذها؟"

د.منال: "وقبل لا يوصل البيت.. السيارة احترقت كلها.. ماكان فيها شي بس الله كتب انها تحترق بهذاك اليوم.. و بنتي راحت.. اجمل شي عطاني اياه الله بالدنيا راح.. "

"انا اسفه ماكنت ادري.."

د.منال: "لاعادي اصلا محد يعرف السالفة .."

"و وش سويتي لما فقدتيها؟"

قربت منها و جلست بالكرسي اللي قدامها.

د.منال: "نكرت هالشي.. عشت و كأن بنتي موجودة حولي.. عشت بشقتنا انا وياها الى ماجا صاحب العمارة و قالي ان زوجك ما دفع اجار الشهر.. رجعت لبيت اهلي انا و بنتي.. بس تدرين متى صحيت؟"

"متى"

د.منال: "لما كنت اشوف خواتي يمشون و وراهم بناتهم.. وانا ما وراي احد.. ان اللي انا اشوفه هم مايشوفونه.. انا احس ببنتي حولي بس هم مايحسون.. قعت فترة طويلة الى مارجعت لطبيعتي.. غيرت تخصصي بالجامعة و درست علم نفس.. و هذاي قدامك هنا.."

"انا اسفه.."

مسحت دموعها بايدها و ابتسمت: "شدعوه.. الحين انا اقوى و ابي اساعدك علشان ماتحسين باللي حسيت فيه"

"دكتوره انا مقدرة اللي تبين تسوينه.. بس انا كذا مرتاحه.. بتعب ايه و كثير بعد بس مايخالف.. اريح لي كذا"

د.منال: "الله يخليك لطيفة.. انا وعدت نفسي و وعدت امك اني ما اتركك الا وانتي مبتسمة و نفسيتك نفس قبل و احلى.."

"ما اقدر"

د.منال: "تقدرين.. والله تقدرين.. بس شيلي من بالك فكرة اني ابي أذيك، صدقيني ماتتخيلين وش كثر ابي مصلحتك"

"ان شاءلله"

د.منال: "نبدا من جديد؟"

سكت.

د.منال: "بطلب شاي و حلو، قالتلي امك انك تحبين الحلو. و عقبه نكمل زين؟"

"ان شاءلله.."

و جلسة ورا جلسة و الدكتورة منال تسأل و انا احكي لها.. 

صح ارتحت وانا احكي بس ما اشوف فيه تقدم..

ما اشوف اني قاعدة استفيد.. 

-في وحدة من الجلسات-

د.منال: "طيب نحكي عن الصداقة، كان لك صديقات غير ريم صح؟"

"ايه"

د.منال: "و كانو قراب منك؟ يعني يجونك البيت و كذا"

"ايه.. بس عقب اللي صار ما حكيت معهم"

د.منال: "و هم ماحكو معك؟"

"الا، حاولو يتصلون واجد..  تقدرين تقولين صرت اتهرب منهم.. مابي احكي مع اي احد يعرفني و يعرف ريم.."

د.منال: "ليه؟"

"لاني ادري بيتغيرون بطريقة تعاملهم معي، و راح يحاولون يراعون مشاعري و مايحكون عن ريم علشان ما ازعل، ولا يصيرون معي نفس قبل لاني حرام مسكينه"

د.منال: "يعني شفقه"

"ايه، مابي احس اني ضعيفة او مسكينه"

د.منال: "طيب و الحب؟"

"وشو؟"

د.منال: "تحبين؟"

"لا"

د.منال: "ماقد حبيتي؟"

سكت.

د.منال: "لطيفة لاتنسين اني انا هنا علشان نتساعد انا وياك.. و الكلام اللي تقولينه لي عمره مارح يطلع لأي شخص"

"الا قد حبيت، مره وحدة"

د.منال: "ايه؟ احكي لي عنه، وش كثر قعدتوا و ليه مو للحين مع بعض"

"عرفته وانا بالجامعة، اللي بينا ماكان انه مراهقة وكذا لا كان مره شي عاقل، كنا بس ننتظر نتخرج و نتزوج"

د.منال: "كبرك يعني كان؟"

"ايه"

د.منال: "يعني المفروض انه هالترم يتخرج؟"

"ايه.."

د.منال: "طيب و متى انتهى اللي بينكم؟ قبل ريم ولا بعد"

"بعد.."

 دمعت عيوني.

د.منال: "من اللي انهاه؟ انتي؟"

"ايه.." 

د.منال: "ليه"

"قلتلك مابي احد"

د.منال: "طيب و من عقب الي صار معد حكى معك؟"

"لا، اصلا جوالي بكبره سكرته من يومها.. "

د.منال: "سكرتي جوالك من يومها؟ و شلون عايشة اهلك؟ صديقاتك؟ ماتحكين مع احد؟"

"لا.. مابي احكي مع احد قلتلك ليه"

د.منال: "علاقتك بالولد هذا، شلون كانت"

"عادي نفس اي علاقة"

د.منال: "يعني وش ردة فعله عقب الحادث؟"

"دكتورة ممكن نغير الموضوع؟ موب حابة احكي بهالسالفة"

د.منال: "اوكي اللي يريحك نغير الموضوع، انا صراحة جعت تبين نروح نتغدا؟"

"لا انا موب جوعانه انتي روحي عليك بالعافية انا السواق ينتظرني تحت"

د.منال: "يلا تكفين نغير جو شوي"

"والله مو مشتهيه مره ثانية ان شاءالله"

د.منال: "وعد؟"

"وعد ان شاءلله مره ثانية لاجعت بقولك"

د.منال: "طيب خليني اوصلك بيتكم"

"مايحتاج السواق تحت"

د.منال: "خليه يروح انا ابي اوصلك"

"دكتورة مابي اكلف عليك ماله داعي"

د.منال: "على طريقي لاتخافين، يلا بس بروح اقولهم يحطون مواعيدك دايم قبل بريك الغدا علشان نطلع انا وياك نتغدا"

ابتسمت. 

حاكيت السواق قلتله يروح البيت و ركبت مع الدكتورة سيارتها.

مشينا و حنا بالطريق منال كله كانت تسولف، 

"دكتورة شوي شوي الله يخليك"

د.منال: "لطيفة ماشية اربعين علشانك وش تبين ابطىء من كذا"

"طيب ناظري الطريق زين"

د.منال: "تأخرنا موعدنا ٣"

"موعد وشو"

ابتسمت الدكتورة.

"دكتورة موعد وشو وين بنروح"

د.منال: "اصبري نوصل و اعلمك"

"قلتلك مالي خلق شي ابي اروح البيت"

د.منال: "يابنت الحلال بيعجبك والله"

"مابي يعجبني ابي ارجع البيت!"

د.منال: "بس شوفيه و اذا ماعجبك نرجع"

"ما ابي! قلتلك ما ابي موب بزر انا!"

تقهر.

ماحب حركة اللي نسوي و نجرب.

موب بزر انا موب بزرررر. 

"دكتورة للمرة المليون اقولك رجعيني البيت ترا بنزل بنص الشارع"

د.منال: "خلاص هذانا قريبيين من ال-....."

فجأة وقفت السيارة. 

اللي صار كله يمكن بجزء من الثانية بس كان طويل مره بالنسبة لي 

ما طلعت واجد عقب الحادث اللي صارلي انا وريم، 
و صرت اخاف من السيارات، اخاف اطلع الشارع
و للحظة حسيت انه المشهد تكرر......

صوت فرامل السيارة لما وقفت منال. 

انعاد في بالي مشهد الحادث

ريم 

اصوات الناس 

د.منال: "انتي بخير؟ فيك شي؟"

قلتها وانا ماناظرت وجهها: "بخير بخير"

د.منال: "انا بنزل اشوف السيارة"

نزلت منال تشوف السيارة و تحكي مع اللي يسوق السيارة الثانية.

وجهة نظر الدكتورة منال:-

نزلت اشوف السيارة و اعتذر من صاحب السيارة الثانية.

"انا اسفه اخوي والله ماكنت منتبهه عسى ماشر سيارتك صار فيها شي؟"

-"حصل خير حصل خير لاتشيلين هم بسيطة"

"لا شلون حصل خير شوف شلون من قدام صارت، انا بعطيك كرتي و ارسلي عليه كل التكاليف حقت التصليح على حسابي والله اسفه بس ماقدر اطول الحين مستعجلة"

-"هي موب سيارتي والله سيارة صديقي سيارتي ت-"

و نزلت لطيفة من السيارة.

لطيفة: "انت ماتشوف اعمى! ماتشوف ان فيه سيارة قدامك!!! افترض انك ذبحتنا الحين!! افرض وانت ماشي بهالسرعة الجنونية شفت بنتين يقطعون الشارع و ذبحت وحدة منهم!!! صاحي انت صاحي!!"

"حبيبتي ارجعي السيارة حصل خير اصلا حنا الغلطانين"

لطيفة: "هو بعد كان مسرع!!"

قاطعها الولد اللي ارتاع من طريقة كلامها: "اختي انا كنت ماشي صح، انتم اللي قاطعين الاشارة"

"ايه صح كنا قاطعينها خلاص اخوي زي ماقلتلك وانا اسفة مره ثانية، الكرت فيه عنوان شغلي و كل ارقامي"

لطيفة: "مفروض تحكين مع الشرطة بدل لاتعطينه كرتك!"

مسكت لطيفة من ايدها و همست باذنها: "لطيفة خلاص حنا الغلطانين هو اللي بيدق على الشرطة مفروض، اسكتي و خلنرجع"

ركبنا السيارة.

لطيفة: "انتي ماتعرفين تسوقين ليش عطوك سيارة؟"

"لطيفة هدي اعصابك يابنت الحلال، حوادث نفس هذي تصير دايم، بسيطة سيارتي ماصار فيها شي بس هو سيارته شوي من قدام راح لونها، بس؟"

لطيفة: "مره الموضوع عادي عندك ماشاءلله عليك، لو انه كنتي مسرعة اكثر شوي كان ذبحتي الرجال"

ضحكت: "انا اللي ذبحته بعد؟ حرام عليك ارتاع منك الولد وانتي تصارخين"

لطيفة: "واو، اول مره اركب معك بحياتي واخر مره باذن الله"

ضحكت "تراي اسوق زين والله بس اليوم مدري شفيني"

لطيفة: "طيب رجعيني بيتنا الحين تكفين لأن صدق مالي خلق ولا شي بالدنيا،"

"الساعة كم، يووه خلاص اصلا ما يمدي"

لطيفة: "احسن يلا رجعيني البيت"








1 comment:

  1. مبددعه اول مرا اعلق كثر البلوقات الي اقراها
    ابهرتيني

    ReplyDelete